وَجهُ أُمّي .. وَجهُ أمّتي
في رثاء د. فاطمة بدوي

11/25/2015 12:00:00 AM  //  
رحلت باكراً يا زهراء!!!
كالنسر، رفع جناحيْه وحلّق قبل انبلاج الصبح.. لبيتِ النداء الى حيث ستلقين رحلك وترتاحين.
مُتعِبةٌ هي الحياة، وأنتِ أتعبتِ نفسك حتى الثمالة..
أعطيتِ فأغدقتِ، حتى طرق بابك ذلك المرض اللعين الذي لا يزال الناس يخشون التلفط باسمه، ويرتعدون لذكره، وحتى أصبح هاجس الناس يخشونه في كل وقت وينتظرونه مع كل زيارة طبيب. 
زارك فجأة فأشفقتِ ان تذكريه حتى لإخوتك ولأقرب الناس إليك، فحفظتِه في داخلك، وهو يسري في جسدك. وأبت نفسُك الكبيرة ان تُرعب من حولها أو تتسبب لهم بالقهر والألم؟ فتحملته وحيدة.
فاطمة!!
يا زهراءنا!! تُراك رحلتِ حقاً؟؟
ما زلتُ أراك في عيون أبنائنا الذين كنت لهم خير مربية وخير مشجعة، فأنشأتِهم على مكارم الأخلاق وحب الوطن والإنفتاح على الآخرين.
وأراكِ في عيون طلابك الجامعيين الذين نهلوا منك منابع العلم والمعرفة.
وأراكِ في ورشاتِ العمل التي غرقت في الإعداد لها والتي أثمرت عناوين إصلاح وقوانين لحياة أفضل.
أيا فاطمة: لن أنسى أنكِ كُنت دائماً وخلال اجتماعاتنا وتحركاتنا المطلبية، متميزة بالإنضباط والمحافظة على الوقت، وكنت تدخُلين بابتسامتك الرائعة، والنشاط يتفجر من عينيك العسليتين، وكنتِ دائماً مستعدة، لكل خدمة، لكل مساعدة، ولكل المستجدات!!
ماذا أقول لك يا زهراء؟؟
وأنتِ رافقتني في دروب الخدمة الإجتماعية والإنسانية منذ ثلاثين عاماً، لم تتخلفي يوماً عن القيام بواجب أو التضحية في سبيل الوصول الى هدف.
ولن أنساكِ وأنت معي أيام التهجير القاسية، الأولى والثانية و... ونحن ننتقل من مركز لآخر، نتفقد المرضى ونقدم المساعدات، ونشارك في وضع الحلول لكل المشاكل التي كانت تعترض طريقنا، ودائماً معاً.. كان آخر أعمالنا المشتركة، لهذا العام بمناسبة عيد العمل، حيث تقدمت وجمعيتك بالهدايا للنساء العاملات معنا في مطبخنا، وبعدها إنطلقنا للإعتصام عند مدخل قصر العدل.. 
كُنا دائماً معاً، في المظاهرات، في الندوات، في المطالبة بالحقوق والحث على القيام بالواجبات.
وها أنتِ تغادرين، تاركة طرابلس التي عشقتِ ولبنان الذي أحببتِ في أسوأ الأحوال!!!
تعبتِ يا زهراء.. وما تعب المتاجرون بنا والقيمون على أمورنا من العبث بمصالحنا وسرقة أحلامنا وتحطيم آمالنا.
فهاجرت.. ليس الى بلدٍ آخر، لأنك مؤمنة بوطنك لا تتخلين عنه ولا تتركينه، ولكن الى حيث ناداك ربك انطلقت لترتاحي فاتحة ذراعيك، مُستقبلة آخرتك مرتقية الى السماء حيث العدالة الإلهية ليس لها مثيل!!
في جنان الخلد أيتها الزهراء
في جنان الخلد أيتها الصديقة وسنلتقي... قربت المسافة أم بَعُدت في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر.
وفي جنان النعيم إن شاء الله، حيث لا فراق ولا شقاق ولا نفاق. 

                                                                                       أ.نعمت فنج كبارة




تألفت لجنة الأمهات في لبنان بموجب علم وخبر رقم (506) تاريخ 27/04/1960, تأسس فرع طرابلس سنة..